طريق الإيمان| تلخيص كتاب مسلكيات.
مسالك الإيمان الجزء الثاني من تلخيص كتاب مسلكيات، للدكتور إبراهيم السكران.
يوضح الدكترو إبراهيم السكران أن الخير كله، أصله وفصله، منحصر في العلم والإيمان.
وفي الجزء الأول وضحنا طرق طلب العلم حسب ما جاء بالكتاب، وهنا نطرح مسالك الإيمان.
لقاء العظيمين لتمهيد طريق الإيمان.
لقد اجتمع أهم شخصيتين في تاريخ العالم، وبكل ثقة فهما أهم شخصيتين أطلقًا في أرشيف بني آدم.
وأكدت لنا المصادر أن الموضوع الذي دار حوله النقاش بين أهم شخصيتين في العالم الإسلامي بل الدنيا بأثرها، سيدهشك جدًا.
ربما لأنك اعتدت على نمط مين من الفكر والمواضيع، لكن ماذا تتوقع أن يكون رأس الحوار بين الرجلين الأعظم على الإطلاق.
صحيح دعني أوضح لك أن المكان الذي تم فيه الاجتماع أيضًا مكان عظيم جدًا، يليق لهذان الشخصان، فهو موقع استثنائي متفرد بكل حال من الأحوال.
مكان الأجتماع في منطقة لا يصلها أكثر الناس، بلهو موقع خاص لفئة معينة من القادة والمؤثرين.
أما الشخصيتين فبدهي أنهم أجل وأهم وأعظم شخصيتين في تاريخ النوع الإنساني أنهم:
أفضل خلق الله عز وجل سيد محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام، والثاني خليل الله سيدنا وأبانا إبراهيم بن آزر عليه أفضل الصلاة والسلام.
والآن نعود لجهور الموضوع، متى التقيا؟ وأين؟ وما موضوعالكلام بينهما؟
التقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيدنا إبراهيم يوم عُرج به إلى السماء السابعة، وقال رسول الله عن ما دار حوله الحوار بينهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيت إبراهيم ليلة أسرى بي، فقال: يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غرسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
أبونا إبراهيم مهتم بناء ويوصلنا السلام مع سيدنا محمد، وهو أبونا بنص قرآني، “مَلِة أبيكم إبراهيم”.
أبونا يقول لنا الجنة أرضها طيبة مباركة، ومياهها عذبة طيبة، وأن الله خلق فيها مساحات متساوية لا نبات فيها، والمؤمن يذرعها شجرًا بالتسبيح والتحميد والتكبير والتوحيد للرحمن الرحيم.
أي اهتمام بنا بذله هذان العظيمان، يهتم لشأننا يردون منا أن نزرع أرضنا في الجنة.
وتخيل أنك دليت عشرة أشخاص على هذا الفعل وكل واحد منهم دل عشرة وهكذا إلى ما لا نهاية، كم شخص بفعله سيزرع لك أشجار في الجنة، سارع لغرس أرض الجنة بالأشجار الطيبة لك ولغيرك.
صفاء الأنبجانية.
كان عطاء بن أبي رباح بعدما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة، فيقرأ مائتي آية من سورة البقرة وهو قائم، لا يزول منه شئ ولا يتحرك.
هذا الرجل بعد ما كبر سنه وضعف عظمه يصلي بالمئتين آية من سورة البقرة في ركعة واحدة، هذا هو الإيمان القلبي.
والمئتان من سورة البقرة تبلغ ثلاثين وجه من القرآن، أي جزء ونصف بالضبط في ركعة!
كان ذلك أيام كبر في السن، فماذا عن أيام شبابه؟
ولاحظ التنبيه هنا كان يصلي وهو قائم لا يزول ولا يتحرك، الآن نرى الطبيعي في الصلاة كثرة الحركة، وعدم السكون.
لكن الآن ما قصة الأنبجانية وما هي أصلًا.
عن عائشة، أن الرسول ﷺ صلى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها آلهتني أنفًا عن صلاتي.
فقد جاء أبي جهم للرسول بخميصة وهي أفضل ملابس العرب ويكون لها مثل الأهداب في آخرها ملونة بشكل ملفت، وعندما بدأ الرسول ﷺ الصلاة نظر إليها مجرد نظرة.
فبعد الصلاة ذهب لأهل بيته وقالوا ردوها لأبي جهم وليأتي لي بأنبجانية وهي رداء بسيط غير ملفت موحد اللون.
بغرض عدم لفت الانتباه وأن يستغرق في صلاته، حتى لا يحزن أبو جهم من رد الهدية من الرسول ﷺ، وهنا كمال اهتمام الرسول بصفاء باله أثناء الصلاة، وذلك بسبب الإيمان بقدسية الصلاة.
أما نحن فعيوننا الغافلة في الصلاة ليست في موضع السجود بل هي تطوف في ملابسنا وما حولنا تبحث عن لهو.
جناح الذل طريق الإيمان.
كأنما يقال للولد اكفل والديك بأن تضمهما إلى نفسك كما فعلا بك حال صغرك.
من أغبى الأوهام المنتشرة أن بر الوالدين مرتبط بكم الخدمات الحسية المادية، غافلين عن فكرة أن البر المعنوي يفوق البر المادي.
إنها القيم المعنوية التي هي أشياء لا تشترى.
هذه النفحات المعنوية ليست إلا بعض أنفاس بيانية من دلالات “واخفض لهما جناح الذل”.
عن عبد الله بن عون وهو أمام أهل البصرة في زمانه: أنه نادته أمه، فأجابها، فعلا صوته صوتها؛ فأعتق رقبتين.” هذه هي القيم المعنوية الراقية لمعنى بر الوالدين.
عتق الرقبة من الكفارات في المناهي العظيمة، فكيف أن صوته علا صوت أمه فأعتق رقبتين، هو فقط كان يلبي ندائها، هذا الإيمان العظيم بمكانة أمه.
واحسرتاه على شباب ترفع صوتها لتستعجل أمهاتهم في غداء تجهزه له من باب الحنو والعطف لا من باب الواجب، وهو يقابل ذلك برفع صوته!
أما الآن كم ترى في الشبان من يسعى لإظهار جهل والديه وأنهم لا يفهما الجيل الجديد، بل ربما رأيت الشاب يستعرض بمصطلاحات شبابية جهل والده.
وكم ترى من الفتيات إذا دخلت المرحلة الثانوية أو الجامعية صارت تلمز ذوق والدتها وتنقده، وتظهر لها أن فلانه ذوقها أرقى.
تظن أن هذه مجرد تقيمات عابرة، ولا تعرف جرح الكبرياء الذي تغرزه في خسارة والدتها بلا مبالاة.
وبرغم هذه الصورة البائسة اليوم في عدم التفطن في دقائق قول الله تعالى واخف لهما جناح الذل، فما زال في الأمة خير ولله الحمد.
وما زالت صور من البر يتناقلها الناس اليوم، سراجًا يستضاء به في سماء الماديات الكالحة في هذ العصر.
المجرات سلالم اليقين.
هذا الفصل عبارة عن قصة جميلة تدور بين الدكتور عناية الله المشرقي والسير جيمس جينز-الأستاذ بجامعة كمبردج.
بدأ السير يلقي محاضرة عن تكوين الأجرام السماوية، ونظامها المدهش، وأبعادها وفواصلها اللامتناهية، وطرقها، ومداراتها، وجاذبيتها، وطوفان أنوارها المذهلة.
والسير جيمس كان شعر رأسه قائمًا، والدموع تنهمر من عينيه، ويداه ترتعدان من خشية الله، وتوقف فجأة ثم بدأ يقول: يا عناية الله! عندما ألقي نظرة علي روائع خلق الله، يبدأ وجودي يرتعش من الجلال الإلهي، وعندما أركع أمام الله وأقول له: “إنك لعظيم!”
فقرأ الدكتور عناية الله عليه الآية التالية:
(وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
فصرخ السير جيمس قائلا: ماذا قلت؟ “إنما يخشى الله من عباده العلماء” ؟ مدهش! وغريب وعجيب جدًا!!،
إن الأمر الذي كشفتُ عنه بعد دراسة ومشاهدة استمرت خمسين سنة، من أنبأ محمدًا به؟ هل هذه الآية موجودة في القرآن حقيقة؟ لو كان الأمر كذلك؛ فاكتب شهادة مني أن القرآن كتاب موحى من عند الله.
ويستطرد السير جيمس جينز قائلاً: لقد كان محمد أميًا، ولا يمكنه أن يكشف عن هذا السر بنفسه، ولكن “الله” هو الذي أخبره بهذا السر، مدهش، وغريب وعجيب جدًا.
أنها قصة جميلة، يمكنك قراءة الكتاب بنفسك.
وفي الختام نقدم لك بيت شعر لعله يفيدك:
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ.
كتابة/ ملك أحمد عبد الظاهر.
أقراء أيضًا: