التفكير الزائد :كيف تتخلص من ال”Over thinking” ؟
يبدو أنك تعاني من التفكير الزائد ,أصبحت محاطًا بالأفكار المرهقة ،و المقيدة لسعادتك , تعيش مهدرًا لوقتك تحت أسر المشاعر السلبية .
من المعروف أن القلق و التوتر هما جزءان أساسيان من مشاعرنا كبشر ، ولكن الخطر يكمن حينما لا نستطيع التوقف عن التحليل، و التدقيق في كل ،و أي شيئ , طوال اليوم ،و كل يوم .
و لكي لا نقع أسرى لهذا التفكير المفرط ، فيجب علينا التعرف عليه أولًا و على أسبابه , و على طرق التخلص منه لنعيش حياة أفضل بذهن أكثر صفاء .
و هذا ما سأقوم به في هذا المقال .
ما هو التفكير الزائد ” Over thinking “؟
التفكير الزائد هو عبارة عن فيضان من الأفكار ،و القرارات المتضاربة التي تفقدك شعورك بالأمان و الراحة .
و بجانب ذلك تجرد منك شعورك بالاستمتاع في حياتك , بل و أيضًا تضيع عليك الكثير من الفرص بسبب أسر هذا التفكير لرأسك .
يصنف التفكير الزائد واحدًا من الاضطرابات العقلية التي تجبر الشخص على المبالغة في تفكير ،و تحليل كل شيئ .
و هذا يؤدي إلى توليد الشعور بقلة التركيز ،و أحيانا الجنون من كثرة الأفكار التي تراود هذا الشخص .
و نتيجة على ذلك يُخلق كثير من الأفكار السلبية، و التداخلية ،و التي تؤدي في النهاية إلى أشكال غير صحية من التفكير مثل : التوتر ، القلق ، الهوس , الخ …
أنواع التفكير الزائد و أسبابه :
في البداية يجب التنويه أن جميعنا قد مر بفترة من الفترات التي انشغلنا فيها بأمر ما بشكل كبير سواء أن كانت مقابلة عمر مصيرية أو إختبار مهم أو الخ … .
في هذه الأوقات الصعبة يكون العقل مشغول بهذه الأحداث لوقت طويل ، و هذا لايعني أنك مصاب بمرض التفكير المفرط .
بل إن هذا النوع من الفكير تجاه شيئ معين يعتبر من أشكال التفكير الهادف، و الصحي , و هو التفكير في الحاضر ،و التخطيط من أجله .
و لكن حديثنا عن الأشخاص الذين يفكرون بشكل سلبى للغاية حيال الماضي و المستقبل و ينسون حاضرهم .
الإفراط في التفكير لا يكمن فقط في الكلمات ،بل إضافة على ذلك تجدهم غارقين داخل الأحداث السيئة التي يخلقوها في أدمغتهم مرارًا .
و لكن هذه الأفكار المفرطة تنقسم إلى نمطين و هما :
- التَّحسر : التفكير الدائم في الماضي و أحداثه مثلا : “لم يكن علىَّ قول ذلك ” , “يا ليتني لم أذهب الي النادي أمس ” و الخ … .
- القلق الدائم : التفكير المستمر بشكل المستقبل و اختلاق أحداث كارثية يتوقع حدوثها مثلا ، ” أعلم أنني لن اؤدي جيدا في الإختبار ” ، سيترقى كل أصدقاء و أنا لا ” و الخ … .
و لكن ما الذي أدى إلى هؤلاء الأشخاص الوصول لهذه الحالة من القلق ؟
الأسباب قد تكون كالآتي :
1- المشاكل أو الطرق التي عُمل بها أثناء طفولته
2- اتخاذ قرار صعب في الحياة
3- الرغبة في التعامل مع عدم الشعور بالأمان
4- نتيجة لمشكلة عاطفية معقدة
5- مشاكل في الثقة بالنفس تقدير الذات
التفكير في هذه الأمور شيء طبيعي , و لكن يكون الأمر مبالغًا فيه حين لا تستطيع إخراج الأمر من الرأسك .
و غالبًا تكمن المشكلة في انشغال الأشخاص بأشياء ليس لهم أي تحكم فيها مثل : “هل المدير سيعجب بالمشروع ” , ” هل سيقدر الآخرون تعبي ”
أعراض التفكير الزائد “Overthinking”
- القلق الدائم حتى في المواقف البسيطة
- القلق في حين وجود أمور خارجة عن سيطرتك
- السؤال المتكرر “ماذا لو …”
- تسأل نفسك كثيرا عن سبب أنشغالك بأمر ما لهذا الحد
- وجود أفكار لانهائية في رأسك و قلة النوم
- استرجاع المواقف السيئة ،و المحرجة في حياتك
- قضاء معظم وقت فراغك في التفكير في المعنى وراء كلام “الأشخاص ”
- جلد الذات الدائم باستخدام الأخطاء التي قمت بها سابقا
- دائم الإهتمام فيما بفكر الناس حياله
- الخوف من الفشل
- التركيز على النواقص، و السلبيات
الثقة بالنفس | الأسباب المؤدية إلى إنعدام الثقة بالنفس من هنا
أضرار التفكير الزائد :
كثير منا يظن ان التفكير المفرط يؤثر سلبا فقط على الصحة النفسية ،و المخ ،
بل في حقيقة الأمر أنه يوثر أيضا على صحتك الجسدية و بجانب ذلك أضرارًا في جميع نواحي حياتك سواء اجتماعيًا , عاطفيًا أو الخ …. .
تفكير أكثر = حياة أقصر :
أجريت بواسطة جامعة هارفارد تجربة على الأشخاص الذين تتراوح أعمرهم من 60 إلى الأشخاص المعمرين فوق المئة عام .
و النتيجة أ أنه تم اكتشاف أن الذين توفوا في أعمار صغيرة يملكون نسب قليلة من البروتين الذي يهدأ المخ ، و هذا بسبب أن الإفراط في التفكير يصعب من أفراز هذا البروتين .
الأرق و ساعات نوم قليلة :
في بعض الأحيان يصعب على الإنسان السيطرة على أفكارة خاصة في الليل ، مما يؤدي الى تحول هذا الوقت الذي يجدر بنا أن نشعر فيه بالراحة ، إلى البقاء أكثر تيقظًا .
فتصبح مقيدًا بحبال أفكارك في كل ليلة كأنه سجن ينصب لك خصيصًا في ذلك الوقت ، و نتيجة لكل هذا تجد نفسك في أرهاق نفسي، و جسدي مستمر .
الإصابة بالأمراض العقلية :
زيادة التفكير قد تؤدي الى الإصابة ببعض الأمراض كالاكتئاب , القلق المزمن , اضطرابات بعد الصدمة و كثير من الأمراض العقلية .
و يكون بسبب تركيز الشخص الدائم على المشاكل ،و الأخطاء الموجودة في نفسه .
و التي في الحقيقة تؤدي بدورها الى زيادة أكثر في التفكير، و تدخل في حلقة مفرغة لا نهاية لها .
التفكير الزائد = نقص في الابداع و الإبتكار :
يعتقد بعض الناس أن الزيادة في التفكير شيئ جيد؛ لايجاد الحلول و غير ذلك و لكن العكس صحيح ، ففي الحقيقة ال overthinking يقلل من التفكير الابداعي و ابتكار أفكار جديدة .
الإفراط في الفكير يؤدي لمشاكل اجتماعية :
تفكيرك الزائد في كيف يفكر الأشخاص بشأنك ” هل سيحبونني ” ، ” لا أحد سيطيق جلوسي هنا ” , ” يا ترى كيف يشعرون تجاهي ؟”.
و نتيجة لهذه الطريقة في التفكير يجد أنه بمرور الوقت ينعزل عن الآخرين، و يفقد الكثير من الفرص لإنشاء صداقات جيدة بسبب تفكيره المفرط .
مشاكل في الشهية :
التفكير الزائد يؤدي إلى مشاكل في الشهية، و الابتعاد عن الأكلات الصحية و اللجوء للfast food
ما هو الذكاء العاطفي و كيفية تطويره من هنا
كيف أتخلص من التفكير الزائد ؟
ال overthinking يعتبر عادة سيئة يجب أن تكسرها ،و تحاول الاقلاع عنها و فيما يلى بعض الطرق العلمية للتخلص من هذا الأمر :
1- تحكم في كلماتك مع نفسك
يقولك ستيف جوبز ” كلنا نقول لأنفسنا القصص و لكن السؤال هو :هل قصتك تقويك و تمنحك الحلول أو تنمعك و تقيدك ” و يعتبر هذا السؤال في غاية الأهمية .
كلماتنا مع أنفسنا تؤثر على شخصايتنا و انعكاس صورتنا أمام العالم بل و أيضا تؤثر في جميع مجالات حياتنا .
لذلك علينا أن نتوقف عن سرد القصص التي تعيقنا من التقدم من نوعية ” أنا شخص قلق دائمًا ” ،” لدي إفراط غير طبيعي في التفكير “
يجب أن تحاول استبدال هذة العبارات السلبية بأخرى ايجابية حاول تغيير قصتك و رؤيتها من منظور آخر و قٌل ” أنا مسؤول عن مشاعري و تفكيري ” و بهذه الطرقة سيتجه عقلك الى الطريق الصحيح .
2- لا تفكر في الماضي :
اعلم أن الأمر قد يبدوا صعبًا في البداية و لكن هذا من أهم مراحل التخلص من التفكير الزائد؛ لأنه غالبا ما يكون التفكير الزائد حول الماضي .
يجب أن تدرك مفهوم أن الماضي لا يمكن تغييره قد يكون هو سر توقفك عن تفكيرك الزائد .
و بجانب ذلك يجب أن تدرك أن الشيئ الوحيد الذي يمكنك تغييره حيال الماضي هو نظرتك اليه و العِبَر التي استخلصتها منه و بناء عليه تُبنى طريقة تعاملك في المستقبل .
لا تتجاهل ألمك، و حزنك ،أو تدفن غضبك تجاه ما حدث، و لكن حاول أن تتصالح مع الماضي يا عزيزي ،و تقبل أنه جزء من حياتك .
قرر أن تتصالح مع ذاتك ،و تحرر إلى ما تبقى لك من حياة، و سعادة ،و صدقني إن عملية التحرر هذه ستساهم بشدة في تغيير حديثك، و القصص التى ترويها لنفسك كل يوم .
3- سيطر على مشاعرك :
من المعروف أن الوصول للمشكلة هو بداية الحل ،و بسبب ذلك يجب عليك أن تتعرف عليها ،و تبحث في جذورها .
ابحث في الاسباب التي أدت بك الى هذا الحال ، فكر لماذا أنت شخص شديد في حساسيتك , مشاعرك أو غضبك.
ارجع بالزمن للمواقف التي كانت سببًا في هذا، و تصالح معها و عالج آثرها .
في هذه الحالة تتكون لك القدرة على مواجهة الأسباب الظاهرية ،و التفكير بشكل سليم ،و ايجابي .
الاضطراب الوجداني : شرح مبسط وشامل .
4- ركز على الحلول :
ابحث عن حل للمشكلة، و لا تضع مشكلة أمام الحل , ف دعني أخبرك أنه لم ينتهي دورك بعد معرفتك للأسباب وراك توترك ؛لأن دورك الآن هو تولي المسؤولية لحل هذا المشاكل .
فكر مع نفسك هل هذا التفكير الزائد بسبب عملك مثلًا ، فيمكنك إعادة النظر الى مسار عملك أو تغييره .
و إن كنت غير راضي عن وضعك في الحياة ، فكر في أهداف جديدة، و اتبعها و مثل ما تري تعامل مع العملية بهذ الطريقة
والمهم أن لا تترك نفسك أسيرًا للظروف ،و المبررات و أن تبقى في انتظار تغيير العالم؛ لكي تتغير معه .
إضافتًا على ذلك ركز على ما يمكنك التحكم فيها مثل :غضبك , سلوكك , الخجل و الذي منه .
5- في حالة التفكير المفرط غيِّر الفكرة فورًا !
إن كنت في انتظار أن تخرج الفكرة من عقلك و تمل بمفردها دون فعل أي نشاط مختلف ف أنت حتمًا مخطئ .
اجر بعض الخطوات الفعَّالة ،و اخرج الفكرة من دماغك عن طريق تغيير نشاطك ، فيمكنك القيام ب :
- التمارين الرياضية
- محادثة صديق
- الخروج الى مكان تحبه
- التنزه في الهواء
- تعلم شيئا جديدًا
كل ما عليك يا عزيزي ،هو تحديد وقت وقوعك في هذا الأسر .
ركز ما الأعراض التي تظهر عليك مثلا :(صداع ، سرعة في ضربات القلب ، الم في الذارع ،أو الخ ) و ركز كيف يتطور الأمر لديك .
في المرة القادمة عندما تشعر أنك محاطًا بوابل من الأفكار التي لا تنتهي ، ستكون مستعدًا بخطتك البديلة، و تنفذها فورًا .
ربما يكون الأمر صعبًا في البداية ،و لكن حاول مرارًا وتكرارًا في الأمر حتى يصبح عادة لديك .
الذكاء العاطفي وأهميته في التعامل مع الآخرين.
6- لا تسع للكمال :
الطموح لتكون شخص أفضل هو شيئ رائع للغاية ,و لكن سعيك للكمال هو مضيعة للوقت؛ لانه يعتبر سعي لأمر غير واقعي، وغير عملى ،كما أنه أيضًا مرهق للغاية .
كلنا بشر نصيب، و نخطئ، و تستمر الحياة , عليك تقبل هذا الفشل و اعتبر أنها تجربة مفيدة، و خطوة جديدة .
و اعلم أن تضييع وقتك لإتنظار المثالية ما هو إلا إهدار لفرص أفضل من أجل هدفك الأكبر .
تقبل نفسك ،و من حولك بهفواتهم، و نواقصهم ،و ابتعد عن توقعاتك الزائدة ،و البحث في كل قرار، أو سلوك عن المثالية .
7- الرضا هو المفتاح السحري:
قلة الرضا أو الشكوى طوال الوقت تجعلك أنسانا محملًا باثقال الغضب ، الإستياء، و النقص طوال الوقت .
لا تضع نفسك في مقارانات مع أحد و كن ممتنًا بما لديك و حاول أن تفكر بشكل ايجابي و أقلب الآية بتركيزك على النصف المليئ من الكوب .
اكتب لافتة كل يوم بما أنت ممتن إليها و خاصة الأشياء التي اعتدت عليها مثل :الصحة ، الأسرة و المال .
8- ركز على تنفسك :
هذه الطريق فعالة للغاية , عندما تشعر أنك أصبحت تحت ضغط الأفكار المفرطة قم بإغماض عينيك , و خذ نفسًا عميقًااااااا.
ركز مع نفسك فقط في الشهيق، و الزفير و إليك تمرين بسيط يمكنك القيام به :
- اجلس في مكان هادئ و احرص على ترك رقبتك و كتفيك في وضع استرخاء
- ضع يد واحدة على القلب و الأخري على المعدة
- خذ نفسا عميقا من الأنف و قم بإخراجه ببطء من الفهم , و انتبه مع حركة الصدر و البطن أثناء التنفس .
افضل 8 طرق للسيطرة على العصبية
9- عبِّر بالكتابة :
في المرة القادمة حينما تجد نفسك في سجن من الأفكار ,قم بإحضار ورقة و قلم و اكتب كل ما بداخلك ،و لكن حاول تدوين الإيجابيات أكثر .
ستشعر بعدها براحة تامة لأن عقلك استطاع التعبير عما بداخله في شكل كلمات، و هذه تعتبر أكثر الطرق المجربة و المحببة إلى المخ .
10- مارس التأمل
يعتبر ممارسة تمارين التأمل من أفضل الطرق للتخلص من زحام الأفكار ,حيث إنه يقلل الضغوط النفسية ، القلق ، و التوتر .
11- اليقين بالله يمنع التفكير الزائد :
بالنسبة لى إن هذه هي أهم خطوة ،أن تسلم أمرك لله هو أعظم شيئ يمكنك القيام به ،و كُن على يقين كامل أن الله لن يقدر لنا إلا الخير .
فمن المهم للغاية وضع فكرة اليقين بالله صوب أعيننا حينها ستجد تاثيرا ملحوظًا .
13- حدد وقت معين للتفكير الزائد :
ضع لنفسك وقتًا محددا للتفكير فيه “20 دقيقة ” في اليوم مثلا .
حين ينتهي هذا الوقت قم على الفور و قم بالقيام بشيئ أكثر انتاجية عوضًا عن التفكير .
اختبار التفكير الزائد :اختبار القلق و الإكتئاب
إليكم بعض الاختبارات ال online التي يمكنك اجراءها , لتطمئن على نفسك :
و في النهاية دعني أخبرك أن أي شخص معرض للإصابة بداء التفكير المفرط .
لكن أنت الوحيد الذي يستطيع إخراج نفسك من هذه الحالة بالمثابرة و يقينك بالله ,و اعلم أن لا شيئ في العالم يستحق هذا القدر من التفكير .