ادمان الانترنت |كيف تُلقي بنفسك إلى التهلكة بدون وعي؟
كنا قد تحدث في الجزء السابق من المقال عن ادمان الانترنت وكيف يؤثر على الدماغ البشرية، وكيف يتحكم في إفراز الدوبامين.
والآن سنناقش أسباب ادمان الانترنت وكيف تكون الاعراض لهذا الادمان، الجديد من نوعه بالنسبة لنا.
• أسباب ادمان الانترنت.
40% من الأمور التي يقوم بها البشر بشكل يومي تعتمد على العادات التي اعتاد الجسم على فعلها دون وعي أو إدراك كامل لها.
وكذلك الشركات التي تمتلك تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص، تعتمد على نظام يجعلها جزء من عاداتك اليومية.
سوا تلك العادة التي تجعلك تتصفح كل حساباتك عند الاستيقاظ مباشرتًا، أو تلك العادة التي تجعلك تسهر لأوقات متأخرة أمام هاتفك، دون إدراك أو تحكم منك.
صناع التطبيقات يعتمدون بشكل كامل على ما يُسمى بخلق الرغبة الإنسانية لاستخدامك التطبيق، حتى تدمن عالم الإنترنت.
وكل شركة في عالم الانترنت تعتمد على أربعة أشياء أساسية لجعلك مدمن للإنترنت، مثل إدمان المخدرات تمامًا.
وهي الأربعة أشياء هي:
1. المُحفز – Trigger.
وهنا يتم استخدام نوعان من المحفزات لإدمان الإنترنت وهي المحفز الخارجي، والمخفز الداخلي.
– المحفز الخارجي.
يعتمد على الأشياء أو الأشخاص التي تدُلك على التطبيق نفسه، سواء عن طريق إعلان أو أشخاص تتحدث عن التطبيق.
الم تلاحظ أيها القارئ إعلانات فيسبوك سواء على جوجل أو يوتيوب بشكل أخص، هل تطبيق فيسبوك بكل شعبيته بحاجة لإعلان لجذب الناس؟
لا، بل يستخدم التطبيق كمحفز لجذبك لفتح التطبيق، فقد تكون تشاهد فيديو تعليمي على يوتيوب ومن ثم يظهر لك إعلان عن فيسبوك.
فتأتيك الرغبة في تفقد الفيسبوك لثواني لربما أحدهم أرسل لك رسالة، أو علق على منشورك، ومن ثم تنغمس في فيسبوك، وتنسى ما كنت تقوم به كليًا.
وعندما تستمع لمجموعة من الناس يتحدثون عن ترند جديد على فيسبوك أو حادثة أو خبر هام، ألن يُثير ذلك فضولك لفتح فيسبوك.
بدافع الرغبة في عدم تفويت أي خبر أو ترند، ظننًا منك أنك سترتبط بالعالم بشكل أفضل عندما تسجل على فيسبوك.
لكن الحقيق أنك تُخدع عزيزي مستخدم فيسبوك، أنت مخدوم، ويتم الاحتيال عليك وسرقة وقتك ومال عُمرك، وأنت لا تدري!
– المحفز الداخلي.
طريقة التحفيز الداخلية يتم الاعتماد فيها على الإنسان نفسه، وخصوصًا على مشاعر الإنسان.
وأهم المشاعر التي يتم الاعتماد عليها هي المشاعر السلبية، الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب يتصفحون السوشيل ميديا أكثر بكثير من الشخص العادي.
استخدامك لتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي يعتمد بشكل كبير على حالتك النفسية والمزاجية، ومشاعرك.
فإذا كنت تشعر بالوحدة فستلجأ لفيسبوك وتحاول التحدث إلى أي شخص حتى ولو عن طريق التعليقات.
وإذا كنت تشعر بالملل فيوتيوب موجد به الكثير من الفيديوهات هدفها الوحيد هو اشباع رغباتك وامتاحك.
ولو أردت الشعور بالإنجاز، فاضبط الخلفية والتقط صورة تعبر عن الجانب المشرق من حياتك، وأنك تتنفس إنجازات، وقم بوضعها على انستجرام، وانتظر دعم المتابعين.
وعند وجود احساس الفضول أو الشك في معلومة فمحرك البحث جوجل موجود للإجابة عن كل استفساراتك.
لاحظ استغلالهم لمشاعر فطرية مثل الملل، الوحدة، الشك، التساؤل، الرغبة في الشعور بالإنجاز، لذلك عليك بشكل دائم سد هذه الثغرات عليهم.
حتى لا يتمكن أي تطبيق من اختراق شعور فيك وجذبك إليه عن طريق استغلال مشاعرك.
مهما اختلف المحفز الذي تتعرض له، فالهدف منه نقلك للمرحلة الثاني لإدمان الإنترنت.
2. الفعل – Action.
لتتحكم تطبيقات السوشيل ميديا بقيامك بفعل ما تقوم بتوفير ثلاثة أمور هامة تجعلك تفعل ما يريدون.
وهو خلق الحافز لديك، وتسليط محفز عليك، وأنت تمتلك القدرة، فبالتالي ستقوم برد الفعل الذي يريدونه.
لكن ذلك يستوجب خلق المرحلة الثالثة لجعلك مدمن إنترنت، وهي المكافأة.
3. المكافأة المتغيرة.
كما قد ذكرنا في الجزء الأول من المقال أنه هنالك جزء في الدماغ مسؤول عن إفراز هرمون الدوبامين أثناء ترقب السعادة أو مكافأة ما.
وكذلك بيتم إفراز الدوبامين عندما تقوم بتنزيل تطبيق مثل فيسبوك أو انستجرام أو حتى استعمالهم، وذلك لاعتمادهم على المكافأة المتغيرة.
أي تطبيق أنت بتستخدمه يُعطيك مكافأة متغيرة من أعداد لايكات، أو كومنتات أو خلافه من المكافأة المتغيرة.
التطبيقات التي من هذا النوع حرفيًا هي عبارة عن مكنة قُمار، وأنت المُقامر عزيز القارئ!
تطبيقات القمار هذه تعتمد على ثلاثة أنواع من المكافأة المتغيرة التي تعتمد على الغريزة والفطرة الإنسانية.
وهي:
1. القبيلة، شعور الانتماء هنا هو محور اللُعبة، اهتمامك بنوعية أخبار وأشخاص معينة، انتظارك لشخص ما أن يتفاعل على منشورك.
وفي نفس الوقت أن لا تتوقع ما سيحدث في المستقبل من رد فعل على منشوراتك أو تعليقاتك، أو ما يحدث من أمور.
وهذا الجزء الغامض هنا هو ما يدفعك لإدمان تطبيق مثل فيسبوك، وفتحك باستمرار له.
2. البحث.
الإنسان بطبيعته الفطرية به غريزة البحث، قبل عالم الإنترنت كان البحث عن طعام وماء وشريك حياة.
حاليًا في ظل ادمان الانترنت فهو بحث عن معلومة جديدة أو خبر جديد، وذلك يفسر عرض التصفح على مواقع التواصل بلا هدف.
3. تحقيق الذات.
وهذا الجانب يظهر بشكل أكبر في لعب الألعاب الإلكترونية، وشعورك بالإنجاز، وأنك قد وصلت لمرحلة اتقان اللعبة، وأنا المنتصر دائما.
4. الاستثمار.
ساشرح لك من واقع تجربتي الخاصة، من فترة كبيرة قررت حذف حسابي على فيسبوك، الذي انشأته من سنين.
وهنا مع يقيني بضرر وسائل التواصل الاجتماعي خصوصًا فيسبوك، كنت متردده جدًا لحذف حسابي.
بكل بساطة لأنني استثمرت به وقت ومجهود في الكتابة حتى كونت قاعدة من القراء المهتمين بمحتواي.
وأيضًا استثمرت عليه في حفظ بعض الصور والأحداث حتى أشاهدها بعد أعوام في الذكريات.
لقد استثمرت فيه الكثير لذلك كان من الصعب التخلي عن استثماري، لكن إدركت أن هذا من أسباب إدمان الإنترنت وهو الاستثمار فيه!
• أعراض ادمان الانترنت.
هذه بعض اعراض ادمان الانترنت لمختلف الفئات العمرية هو كالتالي:
- استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي بعدد ساعات أكثر من 4 ساعات يوميًا، و30 ساعة أسبوعيًا.
- البحث الدائم عن الهاتف الذكي، ورغبتك في عدم إفلاته من يدك، ويصيبك الانزعاج عند عدم ايجادك للهاتف.
- تفقدك لهاتفك بشكل مستمر بدون سبب يدعو لذلك.
- يوجد بالدماغ ما يسمى بالدروائر العصبية المسؤولة عن اكتساب أو فقد مهارة أو عادة ما.
وقد يؤثر اكتسابك لعادة مثل تصفح وسائل التواصل الاجتماعي إلى فقد عادة مفيدة في المقابل.
والملفت هنا أن ذلك سيتم بدون وعي أو قصد من المستخدم.
- هيكلة الإنترنت تشجع على التشتت والتنقل السريع، مما يصيبك بضعف التركيز.
- معظم ما تطلع عليه سطحي لا يبني معرفة حقيقية، مما يؤدي صعوبة الاحتفاظ بكثير مما تطلع عليه نتيجة التنقل السريع بين محتوی متنوع.
- فوبيا الخوف من فوات الأشياء، أو الأخبار أو الترندات.
إذا وجد عندك أي من هذه الأعراض فأنت تعاني من مرحلة من مراحل ادمان الانترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي.
مبارك، أنت مدمن!
يمكنك إكمال المقال من هنـا: كيف تصبح حرًا طليقًا خارج أسوار إدمان الإنترنت.