تولي المرأة القضاء هل يجوز شرعاً؟
تولي المرأة القضاء سؤال يتبادر إلى ذهن الكثيرين، وخصوصاً بعد تولى العديد من النساء للقضاء في الآونة الأخيرة.
وهذا ما سنتحدث عنه ولكن قبل ذلك يجب أن نعرف ما هو القضاء.
تولي المرأة القضاء
القضاء
اختلف العلماء في تعريف القضاء فعرف:-
1- عرف الأحناف القضاء بأنه:– هو فض الخصومات وقطع المنازعات.
2- عرف المالكية القضاء بأنه:- هو صفة حكيمة توجب لموصوفها نفوذ حكمة الشرعي ولو بتعديل أو تجريح،لعموم مصالح المسلمين.
3- وعرفة الشافعية بأنه:- هو إظهار حكم الشرع في الواقعة فيمن يجب عليه إمضاؤه فيه.
4- وعرفة الحنابلة:- هو تبيين الحكم الشرعي وإلالزام به ، وفصل الخصومات.
ومنا هنا سنتحدث عن أدلة مشروعية القضاء
يعد القضاء من أعظم وأقوى فروض الكفايات وأشرف العبادات بعد الإيمان بالله تعال.
لانت يتحقق به العدل الذي قامت عليه السموات والأرض، وقد ثبتت مشروعية القضاء من الكتاب والسنة والإجماع والأثر.
أولاً: من الكتاب
1- قال تعالى:- {وَأَنِ ٱحۡكُم بِيۡنَهُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱلِلَّهِ وَلَا تَتَّبِعۡ آهۡوَاۤ أَهَمّ ۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن یَفۡ تُنَوِّل عَنۢ بِعْۡض مَاۤ أَنزَلَ ٱلِلَّهِ إِلَىۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا یُرِیدُ ٱلِلَّهِ أَن یُصِیبَهُم بَيْع ۡض ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِیرࣰا مِنْ ٱلِنَاسٍ لَفَّٰ سُكُون }
[سُورَةُ المَائِدَةِ: ٤٩]
2- قاب تعالى:- {يٰدَاوِۥد إِنَّا جَعَلۡنٰكَ خَلِیفَةࣰ فِی ٱلۡأرىۡض فَٱحۡكُم بَیۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَیُضِلَّكَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَضِلُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدُۢ بِمَا نَسُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ}
[سُورَةُ صٓ: ٢٦]
كما هو موضح فى الآيات الكريمة جاءت بصيغة الامر والأمر لايدل الا على الوجوب فدل هذا على مشروعية القضاء.
ثانياً: من السنة
وردت في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة تدل على مشروعية القضاء منها:-
1- روي البخاري ومسلم في صحيحيها من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه انه سمع النبى -صلى الله عليه وسلم يقول:-
{إذا حكم أحدكم فاجتهد ثم أصاب فلة أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فلة أجر}.
2- روى عن سهل بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبية أن النبي قال:-
{القضاء ثلاثة واحد في الجنة واثنين في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضي به ، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس علي جهلا فهو في النار}.
ثالثاً: الإجماع
أجمع المسلمون علي مشروعية نصب القضاء والحكم بين الناس فقد قضى رسول الله بين المتنازعين وحكم بين المتشاجرين.
وبعث أصحابه قضاء إلى البلاد التي دخلها الإسلام.
فولى عاليا رضى الله عنه قضاء ناحية اليمين، وولى عتاب بن أسدا -رضي الله عنه-على مكة بعد الفتح قاضياً، وولى معاذ -رضي الله عنه-بعض اليمين.
وكذلك فعل الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم فقد قضوا بين الناس وبعثوا القضاء إلى البلاد التي فتحوها لينوبوا في الحكم.
لان أهل كل بلد يحتاجون إلى القاضي، ولا يمكنهم المصير إلى بلد الإمام، ومن يمكنه ذلك يشق عليه فوجب إغناؤهم عنه بمن يولية القضاء في جهتهم.
واستمر الأمر هكذا في جهتهم واستمر الأمر هكذا إلى يومنا هذا فصار إجماعاً.
ما هو الغرض من مشروعية القضاء
إن المجتمعات البشرية على اختلاف زمانها ومكانها ال تخلو من أسب آب النزاع والخصومة مهما
بلغت في درجات العلم والرقى والحضارة اللم الذي يستدعي ضرورة وجود القضاء لفض
النزاعات وقطع دابر الخصومات؛ لإنصاف المظلومين، وردع الظالمين وإقامة العدل والقسط
بين الناس، وتحقيق عمارة الأرض والاستخلاف فيها.
وإن من أهم دعائم السعادة التي يسعى البشر لتحقيقها أن يطمئن الناس إلى حقوقهم، وأن يسود
العدل بينهم، وليس أبعث على الشقاء والتعاسة وذهاب الطمأنينة من حياة الناس من سلب
الحقوق، وظلم الناس، وتسلط الأقوياء على الضعفاء، مما يحيل الحياة إلى ضنك وتعاسة
لا تطق، والشك أن الأمر يشكل انحناء عن منهج الإسلام، وعن سنن الله عز وجل، وعن سنن
الكون وفطرة االنسان السليمة؛ مما يثير الأحقاد والضغائن، ويدفع إلى التربص والانتقام؛ مما
يهدد النسيج الاجتماعي، بل يقطع الصالة بين أفراد العائلة الواحدة.
الغاية في القضاء هي
أهمية الاشياء تقاس بغايتها وإقامة العدل، ومنع الظلم، وحيثما وجد العدل زال الظلم، وقد وصفه الله عز وجل به أشنع الكبائر وهو الشراك به.
مما سبق كانت وظيفة القاضي وما زالت من أهم المناصب وأسماها؛ لما لها من دور في تمكين القوانين التي تحكم المجتمع.
وتعمل على سيادة العدل بواسطة ما يقرره القاضي من للمعتدين.
حكم تولى المرأة القضاء
اشترط الفقهاء فيمن يتولى القضاء عدة شروط لا بد من توافرها فيه حتى يكون قضاؤه صحيحاً نافذا، وهذه الشروط منها ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه، وهذه الشروط هي:
ومن الشروط المختلف فيها شرط الذكورة:
اشترط الفقهاء فيمن يتولى القضاء أن يكون ذكرا إلا أن هذا الشرط ليس محل اتفاق بين الفقهاء، بل هو مختلف فيه، ولهم في ذلك أربع أقوال:-
القول الأول:- حيث ذهب جمهور الفقهاء (جمهور المالكية والشافعية، والحنابلة، والزيدية،
والإمامية، ولإباضية) إلي أنه يشترط في القاضي أن يكون ذكراً، فألا يجوز للمرأة أن تتولى القضاء.
القول الثاني:- ذهب الحسن البصري، ومحمد بن الحسن من الحنفية، وابن القاسم من المالكية في الظاهر، ومحمد بن جرير الطبري، وابن حزم الظاهري إلي أنه لا يشترط في القاضي أن يكون ذكرا، فيجوز تولية المرأة علي القضاء مطلقا أي في جميع الأحكام- ولا يأثم موليها على تلك التولية.
القول الثالث:- ذهب جمهور الحنفية، وابن القاسم من المالكية الأظهر إلى أنه يجوز للمرأة أن تتولى القضاء فيما تجوز شهادتها فيه.
وهو ما عدا الحدود والقصاص، ويأثم موليها على تلك إلا في قضاء الحدود والقصاص التولية، فالذكورة إذا ليست شرطاً إلا في قضاء الحدود والقصاص.
القول الرابع: ذهب بعض المعاصرين إلى أنه يجوز للمرأة أن تتولى قضاء الأحداث، فالذكورة إذا شرط في جميع أنواع القضاء ماعدا قضاء الأحداث.
كما أن ممن قال بهذا من المعاصرون الدكتور فؤاد عبد المنعم، والدكتورة عائشة راتب.
تولي المرأة القضاء فى رأى الجمهور
ذهب جمهور الفقهاء: جمهور المالكية، والشافعية، والحنابلة، والزيدية، والإمامية، والاباضية إلي أنه يشترط في القاضي أن يكون ذكراً، فال يجوز للمرأة أن تتولى القضاء.
الأدلة
1- حكم تولي المرأة القضاء في الكتاب
قال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل هللا بعضهم على بعض).
وجه الدلالة
أخبر المولى عز وجل في هذه الآية الكريمة أن الرجل قوام علي المرأة، ومعنى القوامة
هنا: هي أنه يقوم بأمرها، ويهتم بحفظها، وجعلت له القوامة عليها لرجاحة عقله ورأيه، ولهذا لا يجوز للمرأة أن تكون قوامة على الرجل، ولو قلنا بجواز تولي المرأة القضاء لكانت لها القوامة عليه، وهو عكس ما تفيده الآية.
2-تولي المرأة القضاء في السنة
روي عن أبي بكر قال ً: لما بلغ رسول الله إن أهل فارس قد ملكوا عليهم نبتا كسريا قال: “لن يفلح قوم ولو ا أمرهم امرأة”
3- تولي المرأة القضاء في المعقول
1- أن القاضي يحضر محافل الخصوم، ويجالس الرجال من الفقهاء، والشهود، والخصوم، والمرأة ليست أهالي لحضور محافل الرجال، وممنوعة من مجالستهم لما يخاف عليهم من الافتتان بها.
2- أن القضاء يحتاج إلي كمال الرأي، وتمام العقل، والفطنة، وهذا ليس متوافراً فى الوجه الثاني:
في المرأة غالباً؛ لأنها تنساق وراء عاطفتها التي جبلت عليها، وتتأثر بالعوامل الطبيعية التي تنتابها في حياتها، ف تمنع تكوين الرأي الصحيح عندها.
3- أن المرأة ناقصة في أمر نفسها، فال يجوز لها أن تتولى عقد نكاحها بنفسها، وهو أمر خاص بها، فكيف تجعل لها الولاية على غيرها؟!.
حيث أنه مما سبق يثبت انه لا يجوز للمرأة تولي القضاء.