قوة الامتنان: أهمية التفكير الإيجابي في حياتنا
يأتي الامتنان من بين كل أنواع الشعور الإنساني المختلف يا عزيزي الإيجابي منها والسلبي، بإمكانه أن يجعلك في حالة اتزان شعوري.
كأنك أمسكت بزمام ما تشعر به وأحكمت سيطرتك على عاطفتك ووجدانك.
فالامتنان لا يتعلق فقط بتبني وجهة النظر إلى نصف الكوب الملآن- وهي بلا شك نظرة إيجابية-، بل يُعتبر الامتنان حالة كاملة من الوعي التي تقود مُتبعيها إلى الإحساس بحالة من السلام النفسي والوجداني.
فما هو الامتنان؟ وما أثر ممارسة وتطبيق الامتنان على حياتك؟ كيفية المحافظة عليه؟ وأشياء أخرى سوف تكتشفها في ثنايا هذا المقال.
فجهز مشروبك المفضل واستمتع بمطالعة هذا المقال بامتنان.
ما هو الامتنان

الامتنان يا عزيزي ببساطة هو حالة شعورية تتسم بتقبل وتقدير جميع أمور الحياة المعيشة.
وهو لا يقتصر كما ذكرنا من قبل على التحلي بالإيجابية.
لأن الإيجابية تعني أن نرى الجانب الجميل في كل الأمور، وأن نحصي كل النعم التي نملكها ونقدرها مهما كانت صغيرة.
على الجانب الأخر يكون معنى الامتنان أعمّ وأشمل لأنه يعلمك شكر وتقدير النعم والأشياء المحمودة في حياتك.
بالإضافة إلى ذلك تقبل الجوانب السلبية والتحلي بالحكمة الثبات في معالجتها.
لأن الأمور السلبية أو المُحبطة في الحياة أيضاً تعود بالفائدة عندما تتعامل معها كتجربة تمت الاستفادة منها أو كدرس من دروس الحياة الذي يجب أن تدرسه بعناية.
ويأتي دور الامتنان هنا بإختصار في أن نحاول أن نستوعب الجانب الجيد حتى في المواقف والتجارب المُعقدة والصعبة.
فمع تطبيق الامتنان تتغير نظرتك للحياة بوجه عام.
لأنه يجعل تفكيرك مُنصب على ما تملك بدلاً من التفكير والانشغال بما ليس عندك وبما تعتقد أنك تفقده،
مما ينعكس بشكل إيجابي على حالتك النفسية.
وهذا يأخذنا إلى سؤال مهم، هل الامتنان شعور فطري أم شعور مُكتسب؟
هل الامتنان مهارة قابلة للتَعَلُم؟
لحسن الحظ أن الامتنان مهارة يُمكنك اكتسابها بالتدريب والتمرين المستمرين عليها، حالها كحال أي مهارة عادية تريد إتقانها والمواظبة عليها.
لأن الامتنان كما أوضحنا سابقاً، هو طريقة تفكير تُبنى عليها طريقة تحليلك للأمور وبالتالي طريقة تفكيرك.
وقد يبدو ممارسة الامتنان في البداية بالأمر العسير خاصةً مع المواقف والضغوط اليومية.
ولكن مع الممارسة الواعية له يصبح الموضوع سلساً وأكثر حضوراً وفاعلية في حياتك.
إليك تدريب عملي فيه تطبيق فعلي للامتنان.
في المرة القادمة التي تصنع فيها والدتك طعامك المُفضل- والذي تعده بأستمرار – جرب أن تمتن لوالديك ولوجود هذا الطعام حتى لو كُنت معتاداً عليه.
مثال أخر، في آخر يوم دراسي طويل ومرهق.
كن ممتناً لأنك سلمت مشاريعك التي عملت عليها بجد لفترة وكن ممتناً أنك حظيت بفرصة التَعَلُم في الأساس.
بتلك الطريقة يعمل الامتنان على تدريب العقل على ملاحظة الجوانب الإيجابية، وتقدير التفاصيل البسيطة.
ويساعد على إعادة توجيه التفكير من التدقيق في جوانب النقص والتحول إلى إدراك وفرة النعم ومواطن الايجابيات في حياتك.
رأي علم النفس في ممارسة الامتنان

من المؤكد أن يصبح الامتنان محل دراسات وأبحاث عديدة من قِبل علم النفس والأطباء النفسيين،
لما له من تأثيرات إيجابية واضحة على العلاقات الإنسانية.
بدايةً من علاقة الفرد بذاته وما يصحبها من طريقة تفكيره والطريقة التي ينظر بها إلى الحياة في العموم.
وصولاً للعلاقات الاجتماعية بين الناس.
وكيف يؤثر على كيفية تعامل الناس مع بعضهم البعض سواء في العمل أو الدراسة أو حتى التعامل والاحتكاك بين الناس في العموم.
فقد نشر موقع PubMed -التابع للمكتبة الأمريكية العامة للأبحاث الطبية- مقالاً غاية في الأهمية عن أثر ممارسات أو أفعال الامتنان gratitude interventions في بيئة العمل.
وتكون ال gratitude interventions عبارة عن أنشطة عملية بسيطة مثل كتابة رسائل الشكر، أو كتابة اليوميات بمنظور إيجابي.
ويتم تطبيق هذه الممارسات المنظمة في مختلف الهيئات مثل أماكن العمل أو المدارس.
وتهدف تلك الأفعال إلى تنمية الشعور بالامتنان وإعطائه قيمته التي يستحق.
وبالتالي الانتظام على هذه الممارسات البسيطة يعزز الصحة والمرونة النفسية والرضا عن الحياة بشكل عام.
ويترتب على ذلك خلق بيئات أكثر ملائمة للإنتاجية والإبداع .
وبحسب ذلك المقال فقد أسفرت الأبحاث التي تم إجرائها مجموعات مختلفة من العاملين وبرغم تباينها.
إلا أن النتيجة أوضحت بأن لممارسات الامتنان المختلفة أثر جلي بين العاملين وأقرانهم في محيط العمل.
حيث كان الأشخاص الذين يحرصون على تلك الممارسات، مثل شكر زملائهم أو تقديم المساعدة حتى لو كانت بسيطة، تظهر عليهم علامات مُبشرة.
كانت بعض هذه العلامات تدل على المرونة النفسية، كتحسن المزاج العام، والمرونة في التعامل مع إجراءات وسير العمل، وأيضاً انخفاض مستويات التوتر بشكل ملحوظ.
أهمية تطبيق الامتنان

عندما نتحدث عن واحد من أهم المشاعر الإنسانية ألا وهو الامتنان يجب أن نعطيه حقه.
والذي ترجع أهميته إلى تأثيره المباشر على حياتنا.
لأنه يعيد ترتيب المشاهد والزوايا التي ننظر من خلالها إلى جميع أمورنا الحياتية، ويترتب على ذلك تفسيرنا وردة فعلنا تجاه المواقف المختلفة.
فمن خلال هذه النظرة المتوازنة التي يقدمها لنا لكل شيء.
تصبح قدرتنا على التكيف مع الضغوط والصعوبات أكبر وأكثر شمولية.
وأكثر مرونة لاستيعاب الدرس المستفاد من تلك المواقف واكتساب الخبرات وتعلم شيء جديد.
وهو لا يعني أن نتجاهل مشاكلنا كأن لا وجود لها.
بل يكمن جوهر الامتنان في معالجة تلك الإشكالات بتبني نظرة إيجابية تقود صاحبها لعيش حياته بجودة وهدف وبأسلوب حياة يقوي السلام النفسي.
يساهم أيضاً في تدعيم الصحة النفسية-كما ذكرنا من قبل- من خلال تقليل التوتر والقلق، وبالتالي يحسن من الصحة الجسدية للأفراد من خلال الإحساس بالطاقة والإنتعاش.
ويؤثر في الجانب الإجتماعي لأنه يساعد على تقوية العلاقات الإجتماعية من خلال التواصل الإيجابي والبناء لأنه يزيد من مشاعر الود والتقدير بين الأشخاص.
فكيف نجعل الامتنان جزءاً من يومنا؟
كيف نجعل الامتنان أسلوب حياة

للحفاظ على تلك المهرة الهامة وجعله جزءاً ثابتاً لا يخلو منه يومك، عليك البدء ببعض الخطوات البسيطة على الأقل في البداية و حتى تعتاد عليها.
فيمكنك تنفيذ إحدى هذه الممارسات التي لا تتطلب وقتاً أو مجهوداً كبير ولكن لها مفعول ساحر، مثل :
-يمكنك أن تشكر أو تظهر التقدير لزميل عمل أو دراسة قام بمساعدتك في مهمة ما.
-كافئ نفسك في نهاية يوم شاق على إتقانك والتزامك، بشراء شيء تحبه أو حتى بجلسة هادئة مع كوب قهوة وقراءة كتابك المفضل.
-قبل أن تخلد للنوم افتح دفترك و اكتب ثلاث أشياء أنت ممتن لها في يومك، يمكن أن يكونوا أشخاص أو مواقف.
يُعد الامتنان بمثابة الصديق الوفي الذي يأخذ بيدك ويُخرجك من عالم مليء بالضغوطات والمقارنات المُحبطة التي تجعلك دائماً في حالة إنكار وتقليل كل جهد تبذله و كل ما تملكه في حياتك.
فهناك دائماً شخص أكثر تفوقاً، هناك دائماً شخص أكثر غنى، هناك دائماً شخص يملك أكثر مما أملك بكثير.
تلك هي عقلية من لا يتخذه كمهارة تجلب السلام والمرونة النفسية.
شاركني يا عزيزي القارىء متى آخر مرة كنت ممتناً لشيء أو شخص ما في حياتك؟
كُتب بواسطة: فاطمة عماد.