أهمية التخطيط الشخصي وكيفية القيام به

في رأيك هل الحياة العشوائية بدون التخطيط الشخصي أفضل؟ أم الحياة المخطط لها؟

 

قد تختلف الإجابة على هذا التساؤل من شخص إلى آخر؛ بناءً على أسلوب حياة كل واحد منهم.

 

فمثلاً هناك من يعتقد أن الحياة بشكل عشوائي، دون إشغال العقل بما سوف يحدث في المستقبل هو الأفضل للحياة الصحيحة.

 

وهناك أيضاً أشخاص يرون أن التخطيط لكل جوانب حياتنا المختلفة، هو الشكل الصحيح من أجل حياة أفضل وأكثر إنتاجية.

 

ولكن دعنا نتفق أن المبالغة في أي شيء هو أمر سيء، ولا يؤدي إلى أفضل النتائج كما يتوقع البعض.

 

حيث أن الشخص إذا ترك كل شيء بدون تخطيط أو تفكير في المستقبل نهائياً؛ فإنه غالباً لن يتمكن من تحسين حياته.

 

وكذلك لا نستطيع القول أن من يقوم بالتخطيط الشخصي لكل جوانب حياته؛ سوف يتمكن من تحقيق كل الأهداف الراغب فيها.

 

فكما هو معروف، أن الرياح لا تسير بما تشتهي السفن.

 

وهنا تأتي النقطة الفارقة التي تجيب على التساؤل الذي طرحناه في البداية.

 

حيث تتمثل الإجابة في أن شكل الحياة الصحيح يكمن في التخطيط الشخصي لجوانب حياتنا المختلفة.

 

ولكن يجب أن تكون هناك مرونة لدينا؛ بحيث تسمح لنا بالتعديل على خطتنا؛ عندما تستدعي الظروف إلى ذلك.

 

ما هو المقصود بمصطلح التخطيط الشخصي؟

 

حتى الآن عرفنا أن التخطيط الشخصي هو أمر ضروري لكل إنسان في حياته الشخصية.

 

ولكن ما هو المقصود به تحديداً؟

 

التخطيط الشخصي هو عبارة عن منهجية تساعد الإنسان على تنظيم أفكاره، وتحديد أهدافه المهمة والضرورية له حقاً. ثم وضع حلول وخطوات مناسبة؛ من أجل تحقيق تلك الأهداف.

 

قد تتمثل هذه الأهداف في أهداف ترغب في تحقيقها بالنسبة للجانب الشخصي في حياتك، أو الجانب المهني الخاص بك.

 

ما هي أهمية التخطيط الشخصي؟ وما هو أثره على حياتنا؟

 

أهمية التخطيط

 

– يساعد التخطيط الشخصي في التغلب على أحد أسباب التسويف وتضييع الوقت.

 

وهو عدم وجود أهداف واضحة ومحددة أمامك كل يوم؛ مما يجعلك غالباً شبه تائه و عشوائي في تأدية مهامك اليومية.

 

– يساعد كذلك على زيادة الثقة بالنفس، وزيادة التحفيز على الاستمرار عندما تقوم به.

 

وذلك من خلال متابعة مدى تنفيذ خطواتك و مهامك التي وضعتها، وأيضاً مدى تحقيق الأهداف التي قمت بتحديدها أثناء تجهيز التخطيط الشخصي الخاص بك.

 

حيث أنك كلما نفذت نسبه أكبر من الخطة التي وضعتها، ورأيت نتيجة ذلك الجيدة؛ سوف يزداد معه تشجيعك و تحفيزك لنفسك حتى تؤدي نتائج أفضل لاحقاً.

 

– يساعد كذلك التخطيط الشخصي على القيام بالتوازن في الاهتمام بالجوانب المختلفة من حياتك، والتركيز على تطويرها كلها قدر الإمكان، بدلاً من تجاهل أو نسيان إحداها.

 

حيث أن حياتنا لا تتمثل في جانب واحد فقط، وإنما هناك عدة جوانب تحتاج إلى الاهتمام بها أيضاً.

 

على سبيل المثال لا الحصر: الجانب المهني، و الصحي، و الديني، ‏و العائلي، ‏وحتى الجانب الشخصي المتمثل في احتياجاتك الشخصية كذلك.

 

– يساعد أيضاً على تدريب أنفسنا على الإدارة الذاتية للنفس البشرية لدينا.

 

فكما يُقال: “إذا لم تشغل نفسك بالحق؛ شغلتك بالباطل”.

 

وصولاً إلى هنا، عرفنا أهمية التخطيط الشخصي، وأثره الإيجابي على حياتنا.

 

ولهذا من الضروري أن تولي اهتماماً بالتعرف أكثر عن كيفية القيام به بالنسبة لجوانب حياتك المختلفة.

 

حتى تتمكن من تحقيق أفضل نتائج ممكنة بإذن الله تعالى.

 

ما هو الوقت المناسب و المثالي من أجل أن تبدأ عملية التخطيط الشخصي؟

 

وقت البداية المناسب

 

قبل أن نبدأ في توضيح الخطوات؛ من أجل التعرف على كيفية التخطيط الشخصي لجوانب حياتك المختلفة، نحتاج أولاً لمعرفة ما هو الوقت المناسب حتى تبدأ عملية التخطيط؟

 

في الواقع فكرة وجود وقت مناسب ومثالي حتى تبدأ التخطيط لأي شيء، أو أن تبدأ تطوير نفسك، ما هي إلا خدعة نظلم بها أنفسنا.

 

ونبقى بسببها كما نحن بدون تحقيق إنجازات مهمة في كثير من الأحيان.

 

وهي من أسباب التسويف القوية التي تواجهنا، وتقف عقبة في طريقنا نحو النجاح.

 

حيث أن الحقيقة هي أن الوقت المناسب لتبدأ حقاً هو الآن.

 

– فإذا أردت تطوير نفسك؛ ابدأ بالتفكير الآن في كيفية القيام بذلك.

 

– إذا كنت ترغب في زيارة عائلتك؛ الآن حدد وقتاً مناسباً من أجل تلك الزيارة.

 

– أما إذا أردت تعلم مهارة معينة؛ ابدأ الآن بالبحث عن معلومات تخصها، وطرق تعلمها.

 

واجعل هذه المقولة في عقلك دائماً: “أفضل وقت لزراعة شجرة كان قبل 20 سنة، وأفضل ثاني وقت بعد ذلك هو الآن”.

 

كيف نقوم بعمل التخطيط الشخصي؟

 

الخطوات والمراحل

 

من أجل القيام بعملية التخطيط الشخصي؛ هناك عدة مراحل أو خطوات نحتاج الى المرور بها.

 

تتمثل تلك الخطوات بشكل عام فيما يلي:

 

أولاً: تحليل وضعك الحالي

 

من أجل القيام بعمل تخطيط شخصي بأفضل صورة ممكنة؛ تحتاج إلى أن يكون هذا التخطيط يناسب ظروفك و أوضاعك الحالية.

 

لهذا السبب من الضروري أن تقوم بعمل دراسة وتحليل على وضعك في الوقت الحالي، على سبيل المثال:

 

– تحديد نقاط الضعف ونقاط القوة لديك.

– ‏أيضاً تحديد الظروف الإجبارية عليك، على سبيل المثال:

  • وظيفة معينة.
  • الاعتناء بالأسرة في حال كنتي سيدة منزل.
  • أو حتى إذا كنت طالباً ولديك مسؤوليتك اتجاه دراستك.

– ‏كذلك معرفة الأوقات الزمنية المتاحة عندك من أجل الجوانب المختلفة الأخرى من حياتك.

– ‏بالإضافة إلى ذلك، عليك أن تحدد أيضاً وضعك المادي حالياً، ومدى قدرتك على الصرف في جوانب حياتك المختلفة.

 

ثانياً: حدد أهدافك التي تريد تحقيقها

 

بعد قيامك بتحليل وضعك الحالي، قم بتحديد الأهداف التي تريد أن تحققها من عمل هذا التخطيط الشخصي.

 

ولكن عليك أولاً أن تعلم أن الأهداف لا يتم تحديدها بشكل عشوائي.

 

حيث أنها هكذا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة عكسية من التخطيط الشخصي الخاص بك.

 

وبدلاً من تحفيزك وتشجيعك على الاستمرار، قد تصبح النتيجة إحباط، وعدم رغبة في السعي نحو أهداف أخرى.

 

إذًا كيف تصبح أهدافي صحيحة؟ و ما هي الطريقة من أجل اختيار أفضل أهداف ممكنة؟

 

من أجل تحديد أهدافنا بشكل صحيح؛ هناك عدة معايير يمكنها مساعدتنا على ذلك عند اتباعها.

 

يطلق على تلك المعايير اسم “نموذج SMART”، وهو يستخدم من أجل تحديد هدف ذكي صحيح، حيث يتمثل هذا النموذج فيما يلي:

 

الأهداف الذكية

 

– اجعل هدفك محدداً، على سبيل المثال “أريد تعلم مهارة الكتابة السريعة”.

 

– ‏أيضاً اجعل هدفك يكون قابلاً للقياس، أي يمكن قياسه، على سبيل المثال “أريد أن تزيد سرعة كتابتي بنسبة 20% من سرعتي الحالية”.

 

– ‏كذلك الهدف الذي تحدده ينبغي أن يكون قابلاً للتحقيق، أي هدف واقعي تستطيع القيام به ويتناسب مع ظروفك الحالية.

 

– ‏وبالطبع ينبغي أن يكون الهدف ذو صلة بالاحتياجات التي لديك، و الأهداف الكبيرة التي تريد الوصول إليها من خلال هذا الهدف، على سبيل المثال “أريد تعلم مهارة الكتابة السريعة؛ من أجل الإنجاز في عملي بشكل أكبر؛ مما يؤدي إلى نتائج أفضل.

 

– ‏بالإضافة إلى ذلك اجعل هدفك مبنياً على فترة زمنية محددة، على سبيل المثال “أريد تعلم مهارة الكتابة السريعة خلال 25 يوماً”.

 

وأخيراً بعد تعرفنا على “نموذج SMART”؛ من أجل تحديد أهدافاً ذكية كخطوة مهمة جداً من أحد خطوات التخطيط الشخصي، دعونا نذكر المثال على هذا الهدف، وهو كالآتي:

 

• أريد تعلم مهارة الكتابة السريعة، ‏وذلك بزيادة سرعتي في الكتابة بنسبة 20% عن سرعتي الحالية.؛ من أجل الإنجاز بشكل أكبر في عملي؛ مما يؤدي إلى نتائج افضل، مع مراعاة أن يكون ذلك في مدة زمنية قدرها 25 يوماً.

 

ثالثاً: حدد المدة الزمنية للتخطيط الشخصي الذي تريد القيام به

 

كما ذكرنا سابقاً ليس هناك وقت مثالي من أجل البدء في عملية التخطيط الشخصي.

 

يمكنك حرفياً أن تبدأ في أي وقت من السنة، سواءً في بدايتها، أو في منتصفها، أو حتى بعد مرور عدة أشهر وعدة أسابيع منذ أول يوم فيها.

 

ويمكنك أيضاً أن تحدد مدة زمنية لكل تخطيط شخصي؛ بما يتناسب مع ظروفك وشخصيتك.

 

على سبيل المثال يمكن أن تقوم بعملية التخطيط الشخصي بشكل سنوي، أو بشكل شهري، أو بشكل أسبوعي، أو حتى دمج كل ذلك معاً.

 

حيث تقوم بوضع أهداف كبيرة للسنة ككل مثلاً.

 

ثم تقوم بتقسيم هذا الهدف إلى أهداف أصغر لكل ربع سنة، أي كل ثلاثة أشهر.

 

وهذه الأهداف الصغيرة تقوم بتقسيم كل منها إلى أهداف أصغر لكل شهر، ثم أصغر لكل أسبوع، وهكذا.

 

رابعاً: قم بتحديد الطريقة والأدوات التي سوف تستخدمها في عملية التخطيط

 

توجد العديد من الطرق والأدوات التي يمكن أن نستخدمها من أجل القيام بعملية التخطيط الشخصي

 

وبالطبع تختلف الطريقة و الأداة المناسبة بالنسبة إلى كل شخص.

 

من تلك الطرق والأدوات على سبيل المثال:

 

– التخطيط الشخصي على ورق، وتتميز هذه الطريقة بالحرية التي تقدمها لك، من حيث التخطيط والرسم، بما يتناسب مع أفكارك وذوقك في التصميم مثلاً.

 

– كذلك هناك أيضاً التخطيط باستخدام أحد الأدوات والتطبيقات الموجودة للهواتف المحمولة، على سبيل المثال: تطبيق “Color Note” من أجل كتابة الملاحظات، وتطبيق “Productive – Habit tracker” من أجل تتبع العادات، وتنفيذ المهمات.

 

تطبيقات تساعد على التخطيط

 

خامساً: ابدأ عملية التخطيط الشخصي الخاص بك

 

بعد القيام بتحليل وضعك الحالي، وتحديد أهدافك التي تريد تحقيقها من عمل هذا التخطيط الشخصي، وتحديد كذلك المدة الزمنية لكل تخطيط، وأيضاً القيام بتحديد الطرق والأدوات المستخدمة في عملية التخطيط الشخصي، حان الوقت الآن حتى تبدأ عملية وضع الخطوط التي سوف تقوم بتنفيذها في هذا التخطيط.

 

تتمثل هذه الخطوط بشكل أساسي في وضع المهام التي سوف تسعى إلى تنفيذها؛ من أجل تحقيق أهدافك من هذا التخطيط الشخصي.

 

ويتم تحديد هذه المهام بعدة طرق، منها الطريقتين التي ذكرهما أحمد أبو زيد في أحد الفيديوهات على قناته في اليوتيوب، عن التخطيط الشخصي الأسبوعي، وهما:

 

– طريقة وضع ثلاثة أهداف أساسية؛ حيث يكون لهم أولوية كبرى في التنفيذ خلال اليوم.

 

– ‏كذلك هناك الطريقة الأخرى أيضاً، وهي طريقة (واحد، ثلاثة، خمسة)، وهي تتمثل في وضع مهمة واحدة أساسية ذات أولوية كبرى في التنفيذ، ثم ثلاث مهمات متوسطة الأهمية، وأخيراً خمس مهارات قليلة الأهمية، ولا يؤثر تنفيذها في هذا اليوم أو تأجيلها في شيء.

 

سادساً: عمل تقييم دوري على خطتك

 

من أجل الحصول على أفضل نتائج ممكنة؛ ينبغي أن نقوم بعمل تقييم دوري على مستوى الأداء الذي قمنا به من خطوات التخطيط الشخصي.

 

وتحديد المشكلات والعقبات التي واجهتنا، وكان لها دور في عدم تنفيذ خطوات معينة مثلاً.

 

والتعديل على التخطيط الشخصي بما يتناسب مع الظروف والأوضاع الجديدة علينا، مع مراعاة كذلك الحلول الممكنة من أجل التغلب على المشكلات والعقبات، تلك التي واجهتنا مسبقاً أثناء التخطيط الشخصي.

 

نصائح مهمة من أجل وضع وتنفيذ خطتك

 

نصائح عن التخطيط

 

– تجنب المثالية، سواءً أثناء تجهيز التخطيط الشخصي، أو حتى أثناء تنفيذه.

 

– ‏حدد الأنشطة التي تفعلها وتقوم بتضييع وقتك بدون فائدة.

 

واجعل من أهدافك استبدال تلك الأنشطة بأخرى مفيدة لك، أو حتى ذا فائدة من أجل تنفيذ أهدافك الأخرى المهمة.

 

– لا تستعجل النتائج و كن صبوراً؛ فإن النتائج الجيدة التي تأتي بعد مجهود وصبر يكون لها أفضل تأثير على أنفسنا.

 

وفي النهاية اعلم أن “التخطيط بدون تنفيذ، مثل النبتة بلا رعاية”.

 

كما النبتة لا يكفي لنموها أن تزرع البذرة في التراب و تتوقف عند هذه الخطوة.

 

كذلك التخطيط لن يساعدك على تحقيق أهدافك، وتطوير ما تخطط من أجله؛ بدون تنفيذ ما خططت له.

 

لذا فإن الالتزام بما حددته في التخطيط الشخصي الخاص بك، والاستمرارية عليه؛ هما أساس نجاح الخطة وتحقيق أهدافك فيها بإذن الله تعالى بالطبع.

 

تمت كتابة هذا المقال بواسطة: آية عادل الحنفي.